صحيفة الرؤية الكويتيه الأحد 13 ذو القعدة 1430 – 1 نوفمبر 2009
صحافة هذا الزمان – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2009/10/blog-post_31.html
أراد أحد المنتجين السينمائيين في إنجلترا أن يختبر مدى دقة الأخبار التي تنشرها الصحف الشعبية (التابلويد) فشكل فريقا من مساعديه لتزويد تلك الصحف بالأخبار الكاذبة ليتعرف على كيفية تعاملها معها.
روى المنتج كريس اتكينز تجربته لصحيفة «الجارديان» قائلا إنه كان بصدد إجراء بعض الدراسات الميدانية أثناء تحضيره لفيلم جديد باسم «ستارسكرز» (المعنى التقريبي المهووسون بالنجوم). ولأن نجوم السينما يلعبون دورا مهما في الفيلم، فقد أراد أن يتعرف على الكيفية التي ترسم بها صورتهم في وسائل الإعلام، وما إذا كانت الأخبار التي تنشر عنهم حقيقية أم مفتعلة؟
وما إذا كانوا هم مصدر تلك الأخبار أم أن المحيطين بهم ومديري أعمالهم هم الذين يحرصون على ترويجها؟
ما فعله صاحبنا أنه طلب من أعضاء الفريق الذي يعمل معه أن يقوموا بالاتصال المباشر بأقسام الأخبار في تلك الصحف، ويزودونهم ببعض الأخبار الكاذبة، التي تتعلق بمشاهير الفنانين. من قبيل أن حريقا شب في منحل تملكه المغنية إيمي واينهاوس. وأن نجما كبيرا قرر التفرغ لكي يقدم عروض الأزياء التي يهواها، وأن ممثلة مشهورة خبيرة في علم الفيزياء ولديها تلسكوب في منزلها.. إلخ.
وما أدهشه أن تلك الأخبار المكذوبة كانت تنشر بسرعة وتبرز بشكل مثير في اثنتين على الأقل من كبريات تلك الصحف.
وأن محرري الأخبار الذين نقلت إليهم هذه المعلومات لم يخطر على بال أحد منهم أن يجري اتصالا هاتفيا بأولئك الفنانين للتأكد من صحة المعلومات التي بلغتهم أو لسماع تعليقهم عليها.
النتيجة التي خرج بها من بحثه أن أخبار النجوم على الأقل حافلة بالتلفيق والأكاذيب، وأن مراسلي ومحرري الصحف الشعبية يبدون تسامحا كبيرا يجعلهم لا يدققون في معلومات الأخبار التي يتلقونها، ويعتبرون أن أكثر ما يهم قراءها أن يشبعوا فضولهم في التعرف على كل التفاصيل المتعلقة بنجوم الفن والرياضة، حتى إذا كانت تافهة وبلا معنى.
حين سقطت صحف التابلويد في اختبار صحة المعلومات ودقتها، اعتبرت هذه فضيحة في إنجلترا التي يضرب المثل بصحافتها في رسوخ التقاليد والالتزام الصارم بها. ولم يخفف من وطأة الصدمة سوى أن نظرة المجتمع إلى صحف التابلويد أنها من ذلك النوع المنفلت الذي لا يعامل معاملة الصحف المحترمة التي لا تنشر الخبر إلا إذا أكدته ثلاثة مصادر على الأقل، وإذا أخطأت في نشر خبر فعليها أن تعتذر علنا، وأن تدفع تعويضا ماليا لمن تضرر منه.
حين وقعت على القصة كان أول ما خطر لي السؤال التالي:
لو أن الصحف المصرية تعرضت لتلك الاختبار، ماذا تكون النتيجة؟
لا أستبعد أن يكون الدافع إلى السؤال هو الضجة التي حدثت في مصر خلال الأسابيع الأخيرة، في أعقاب نشر أخبار خاصة بعلاقات بعض الفنانين تم تكذيبها وإحالة المسؤولين عن نشرها إلى القضاء.
لكنني أزعم أن هذه الضجة الأخيرة ليست سوى عرض لمشكلة أكبر في الصحافة المصرية تجاوزت مسألة التدقيق في صحة الأخبار. وطالت مجمل تقاليد المهنة وأخلاقياتها. ذلك أن من يتابع التراشق الحاصل بين الصحف والأساليب المتدنية التي تستخدم في المنافسة فيما بينها، إلى جانب عمليات التوظيف الأمنى للأخبار، الذى يختلق بعضها ويشوه البعض الآخر لتحقيق مآرب وتصفية حسابات معينة.
من يقف على هذه التفاصيل يقتنع في نهاية المطاف بأننا بصدد مهنة تصدعت وأصبحت بحاجة إلى إعادة بناء من جديد، وإن ما بدا شذوذا في الصحافة البريطانية هو قاعدة عندنا، علما بأننا لا نستطيع أن نقارن الصحافة بين البلدين إلا إذا قارنا أوضاع السياسة والحريات العامة بينهم وبيننا. إذ حينئذ سيعرف السبب، ليبطل بعد ذلك العجب.
وأنت فاهم وأنا فاهم.
...............
--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
مع تحيات
ناشر ومحرر شبكة فلسطين ال 48 الاعلامية
عن الشبكة:
مجموعة اعلامية مستقلة منحازة للشعب والوطن ولهموم الانسان العربي في كل مكان.
تصدر في الداخل الفلسطيني عام 48 وتضم آلاف العناوين البريدية لكتاب ومثقفين وقراء من جميع انحاءالعالم.
تسعى لان تكون سباقة في طرح الرأي الحر والفكر النير والابداع الفذ.
ملاحظة:المقالات المرسلة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة ان تعبر عن رأي المجموعة
لارسال كتاباتكم على البريد إلكتروني
palastain-48@googlegroups.com
سيتم النشر خلال 24 ساعة من استلام المادة
لإلغاء الاشتراك مباشرة وحذف عنوانك اضغط على الرابط التالي وقم بالارسال
palastain-48+unsubscribe@googlegroups.com
لزيارة المجموعة على
http://groups.google.com.sa/group/palastain-48?hl=ar?hl=ar
-~----------~----~----~----~------~----~------~--~---