أ / انتصار محمد صالح سعيد " أخصائية اجتماعية في دار التوجيه الاجتماعي لرعاية الأحداث م/ عدن"
الجانحون هم ضحايا العنف المنزلي .. وأكثر القضايا الذي يتعرض لها الأحداث ( اللواط والسرقة والاغتصاب )
حاورتها : حنان محمد فارع
هناك جملة من المؤثرات تتدخل وتؤثر على تربية الأطفال وتوجيههم وفي مقدمتها الأسرة وهي الخلية الأولى لبناء المجتمع ، حيث ينشأ الطفل تحت كنفها وتلعب الدور الأساسي في بناء شخصيته وتحديد مسار حياته المقبلة ، ففي حالة وجود خلل داخل المحيط الأسري تكون عواقبه وخيمة على مستوى الطفل والمجتمع ، والمسبب الرئيسي في انحراف الإحداث ، كما أن نشأة الطفل في بيئة غير سوية يكسبه عادات وسلوكيات شاذة ويجنح إلى العصيان التمرد وارتكاب أفعال إجرامية عن جهل وعدم معرفة الصواب من الخطأ نتيجة افتقاره للتهذيب السليم والتعليم المناسب ، ومع ذلك لا نستطيع أن نعتبر تلك النبتة الصغيرة " الطفل " مجرماً ، فهو ضحية لواقع مفروض عليه ، وكل ما يحتاجه اليد الحانية بعيداً عن القهر والقسر والعقوبات والزج به خلف القضبان بحاجة إلى التوعية المكثفة وتوفير سبل عيش كريمة ، وتلك تعد مسؤولية المجتمع في إعادة تأهيل وبناء هذا النشء مجدداً ، وتعتبر دور الرعاية الخاصة بالأحداث الجانحين هي المكان الآمن بالنسبة للطفل والمراهق هروباً من واقعه الأليم ، ففي الدور يتوفر المناخ الملائم والأساليب السليمة لتعديل سلوكه الضال وغرس قيم ومبادئ جديدة في نفوس الأطفال .
ولتسليط الضوء على هذه الجوانب ومعرفة المزيد ، التقيت بالأستاذة انتصار محمد صالح سعيد " أخصائية اجتماعية في جمعية دار التوجيه الاجتماعي لرعاية الإحداث م/ عدن " وأجرت معها الحوار التالي :
Ø متى تأسست دار رعاية الأحداث م/ عدن .. وما أهدافها ؟
تأسست الدار في مارس 2000م استناداً إلى أحكام القانون رقم ( 24 ) لسنة 1992م بشأن رعاية الأحداث وتعديلات بالقانون رقم ( 26 ) لسنة 1997م ، منذ لحظة تأسيسها باشرت الدار في تأدية المهام المناط بها وبذلت كل الجهود الممكنة للتواصل مع الجهات ذات العلاقة في توفير الخدمة الضرورية للنزلاء من الأطفال الجانحين ، من ضمن أهداف الدار إعادة التنشئة الاجتماعية للأحداث وإعادة تأهيلهم مهنياً وصحياً وتربوياً ونفسياً ودينياً والتعديل على سلوكهم ليصبحوا أفراد صالحين في المجتمع ، إضافة إلى توعية اسر الأحداث لتهيئة البيئة الأسرية السليمة لاستقبال الطفل الجانح بعد الإفراج عنه .
Ø أ / انتصار .. بالتحديد ما هي طبيعة عمل دار الأحداث في حال وصول الحدث إليكم؟
الدار تستقبل النزلاء من الأحداث عن طريق الشرطة بشرط عدم تجاوزهم السن القانونية (15 سنة ) ونتحدث مع النيابة حول جريمة الطفل ، ومن ثمة نأخذ على عاتقنا أولاً تقبل الطفل للمكان ويتم عبر المعاملة بصبر ولين وتوفير جميع أنواع الرعاية اللازمة له ، ونشرع إلى إقامة بحث اجتماعي للطفل ( دراسة حالة ) لنتعرف على الأسباب الذي دفعت الجانح لارتكاب ذلك الفعل ، من الطبيعي في البداية أن يحاول الطفل الكذب وعدم إعطاء معلومات غير صحيحة حتى يشعر بالأمان داخل الدار نستطيع فيما بعد معرفة جميع المعلومات عنه ونتواصل مع النيابة بعد ذلك لأخذ أقواله .
Ø كم عدد الأطفال المتواجدين داخل الدار .. ما هي القضايا الذي يرتكبوها ؟
عدد الأطفال يصل إلى ( 35 ) طفل وأعمارهم تبدأ من التسع سنوات ومن مختلف محافظات الجمهورية جاءوا إلى عدن هرباً من العنف الأسري ، والقضايا التي ارتكبوها اغلبها السرقة واللواط ومن ثم الاغتصاب وشرب الكحول والتشرد .
Ø هل تقوم الدار بالتواصل مع أسر الأحداث ؟
بكل تأكيد .. يتم التواصل مع اسر الجانحين والجلوس معهم للتعرف أكثر على الأسباب وراء السلوك الضال للطفل ، ويتم توعية تلك الأسر بأهمية الحرص والحفاظ على الأبناء وتربيتهم التربية الحسنة ، هناك أطفال يعانون من انفصال الأبوين وأطفال آخرون لا نعثر لهم على أهل هؤلاء يتم ترحيلهم إلى مركز الطفولة الآمنة .
Ø من خلال دراسة حالة الأطفال الجانحين ، ما هي الأسباب التي تدفعهم إلى مثل هذا السلوك المنحرف ؟
الجانحون هم ضحايا العنف المنزلي والتفكك الأسري وعدم الاهتمام واللامبالاة من الأهل ، وبعض الآباء يجبرون أطفالهم على الخروج للعمل في سن مبكر والبعض الآخر يتم إرغامهم على ممارسة التسول مما يؤدي إلى فرارهم بعيداً عن الآباء والأمهات ، ويصبح الطفل ابن الشارع معرض لشتى أنواع المخاطر والوقوع في براثن أصدقاء السوء مما يجرهم إلى السرقة وارتكاب أعمال مشينة ، ونادراً ما تكن البيئة عامل مؤثر في جنوح الصغار ، كذلك ذهاب الأطفال إلى مقاهي الانترنت بدون رقابة ومتابعة .
Ø هل الفقر هو السبب الوحيد الذي يجعل الوالدين يتخلوا عن أبنائهم ؟
الانتهاكات التي يرتكبها الأهل تجاه أبنائهم ليس للفقر أي سبب فيها ، إن تخلي الأهل عن أطفالهم أسبابه هو الجهل والإهمال ورميهم في الشارع لساعات طويلة يعرضهم لرفقاء السوء وتجريب أمور جديدة عليهم تنتهي بسلوك منحرف ، هناك أبناء لأسر أغنياء ويتقلدون مناصب اجتماعية في المجتمع لكن الترف الزائد وعدم متابعة الطفل توصلهم لهذا الطريق .
Ø ما هي الطرق المتبعة في الدار لتعديل السلوك المنحرف للجانحين وتحويلهم إلى أفراد صالحين ؟
الأطفال يتحلون بالذكاء سرعان ما يستجيبوا لتعلم أشياء جديدة ونبدأ بالتوعية الدينية التي تلعب دوراً كبيراً في غرس القيم الشريفة في أذهان الأطفال والسلوك القويم يكون ذلك عبر جلسات لإسداء النصائح والمواعظ وفعلاً يدرك الطفل طبيعة ما ارتكبه من خطأ ويشعر بالندم ويتعهد على عدم العودة مجدداً لنفس الفعل ، ومن خلال عملنا رأينا بالفعل أطفال لا يعودون إلا نادر جداً لارتكاب السلوك المنحرف ، ومن ثم ننتقل إلى الاهتمام بالنواحي الصحية والنفسية والتعليمية ، وتتوفر في الدار مكتبة مليئة بالكتب و المستلزمات الدراسية وهناك ساعات مخصصة لتلقي العلم ، يوجد أطفال بلغوا سن الثانية عشر دون حصولهم على التعليم نحاول محو أميتهم ، والجانحين هم بالأول والأخير مجرد أطفال لابد أن نترك الفرصة لهم لممارسة حياتهم الطبيعية ، حيث يوجد في الدار فناء واسع يقومون بداخله بجميع الأنشطة الرياضية وتتوفر فيه بعض الألعاب كالمراجيح وغيرها .
Ø بعد انقضاء فترة الحكم المحددة على الطفل وخروجه من الدار .. هل يستمر التواصل معه تجنباً لأي انحراف آخر ؟
صلة الدار بالطفل بعد خروجه تنقطع نهائياً ، إلا في حالة تكرار نفس السلوك يعود للدار مجدداً .
Ø كيف يساعد الدار الطفل الجانح على الاندماج في نسيج المجتمع بعد قضاء مدته في الدار ؟
نسلك معهم طرق متعددة للتوعية حول المستقبل والمخاطر الذي تنتظرهم في الخارج وكيفية التصرف معها ..والأخصائيون النفسيين يلعبوا دوراً مهماً في ذلك .
Ø ما هي الصعوبات التي تعيق عملكم .. وإلى ماذا تطمحون ؟
نحن في الدار بدرجة أساسية نقوم بعمل إنساني واغلب العاملين متطوعين يحصلون على مخصص بسيط من خلال المساعدات التي تصل إلى الدار ومع ذلك يتحملون المسؤولية وقد يتعرضون للمُسألة القانونية إذا ما تمكن إحدى الأطفال من الفرار ، فالسور المحاط بالدار غير مكتمل ويسهل هروب الأطفال ، مما يجعلنا طوال اليوم نراقبهم خشية فرارهم وهذا الأمر يُربك الطفل كثيراً ، ونتطلع أن يتم إنزال وظائف للدار وتثبيت المتطوعين .
من الصعوبات الأخرى هو الربط الكهربائي غير الآمن والأبواب تحتاج إلى بعض التشطيبات وقد تم رفع شكوى بذلك إلى وزيرة الشؤون الاجتماعية والى الآن لا يوجد أي حل .
Ø كلمة أخيرة ... ؟
أبنائنا لا يستحقون ما يحدث لهم ، الأطفال بناة الغد ، وأدعو الأسر أن يتقوا الله في أبنائهم ويتبعوا قول الرسول الكريم : " كلكم راعٍ وكل راع مسؤول عن رعيته " .
- -
حنان محمد فارع
كاتبة صحفية وناشطة اجتماعية
محررة صفحة المرأة في صحيفة التحديث
محررة في صحيفة المنابـــر
عـــدن-اليمــن
أكثر من مجرد بريد Windows Live™ سيمنحك المزيد أكثر من مجرد رسائل
--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
(شبكة فلسطين ال 48 )وبعد الحظر تعود من جديد حاملة راية الكلمة الحرة والخبر الصادق .
مجموعة اعلامية مستقلة منحازة للشعب والوطن ولهموم الانسان العربي في كل مكان.
تصدر في الداخل الفلسطيني عام 48 وتضم آلاف العناوين البريدية لكتاب ومثقفين وقراء من جميع انحاءالعالم.
تسعى لان تكون سباقة في طرح الرأي الحر والفكر النير والابداع الفذ.
ملاحظة:المقالات المرسلة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة ان تعبر عن رأي المجموعة
لارسال كتاباتكم على البريد إلكتروني
palastain-48@googlegroups.com
سيتم النشر خلال 24 ساعة من استلام المادة
لإلغاء الاشتراك مباشرة وحذف عنوانك اضغط على الرابط التالي وقم بالارسال
palastain-48+unsubscribe@googlegroups.com
لزيارة المجموعة على
http://groups.google.com.sa/group/palastain-48?hl=ar?hl=ar
-~----------~----~----~----~------~----~------~--~---
No comments:
Post a Comment